التراجع نحو الأمام

منذ السابع من أكتوبر بدأت أخطو خطوات في اتجاه مغاير للمسار العام الذي تسير فيه البشرية، أو على الأقل، مجتمعي المحلي. فرضت عقوبات اقتصادية على الدول المعادية لنا، أهم المنتجات كان يوجد لها بديل محلي أو صيني أو من أماكن أخرى من العالم.

بعد فترة قمت بالتخلي التدريجي عن منصات التواصل الإجتماعي ، ثم التخلي التدريجي عن تطبيقات قوقل بما فيها اليويتوب. ومؤخراً بدأت بالإعتماد على متجر هواوي لتطبيقات الهاتف. طريق مختلف ، وأدرس اليوم امكانية التخلي عن الواتس أب كمنصة تواصل للعمل ، حيث يمكن الإنتقال الى تليقرام. فكل ما تركته لم ينقص مني شيئاً، بل زادني، وقتاً وتركيزاً على الأمور المهمة في حياتي.

واليوم أدركت أني أقضي تقريباً 80% من يومي بين الشاشات، بين الهاتف والكمبيوتر المحمول ، لدرجة بدأت أستشعر مدى الإنهاك الذي تعانيه عيني، وأني نوعاً ما، أدمنت الشاشه. وأحتاج أن أنفصل عنها بقدرٍ كافٍ. ولكن كيف أنفصل عنها ومن خلالها أعمل وأتعلم؟

الأنشطة الشخصية والإجتماعية وقراءة الكتب ، من الوسائل التي تقلل الإعتماد على الشاشات. بدأت أفكر في قضاء وقت أطول بعيداً عن أي شاشة أو اضاءة من هذا النوع، وشعرت أنني أتراجع نحو الأمام.

بدا أن خروجي من شبكات التواصل هو انعزال، لكنه انعزال افتراضي، لازلت على تواصل جيد مع كل أصدقائي ، لم ينقص أحد. والآن، أريد الخروج من الشاشات كلها، والعودة الى اللحظة الحالية، إلى حيث أنا الآن، أود الإتصال بالعالم الذي أعيشه حقاً لإدراك مكوناته وإمكاناته ومعرفة كيفية الإستفادة منه بشكل أمثل. نمتلك الكثير والكثير من المال والأشياء، ومع ذلك نظن أننا بحاجة إلى المزيد، ونحن فعلياً نعيش في تكدس من الأشياء، الخدمات، المنتجات، والنعم

ما سأفعله الآن هو تحديد وقت للعمل، وقت للتواصل ، حذف المزيد من التطبيقات، ربما شراء طبقة حماية ورقية للشاشة، وتنظيم وقتي لتحقيق أقصى انتاجية باستخدام الشاشات في أقل وقت ممكن

يستغرب الكثير هذه القرارات مني ويدعمونها أحياناً، وأنا أعتقد الآن أنها تصب في صالحي، حيث أنها تكسر النمط الإستهلاكي الحديث، والعودة إلى الحياة الطبيعية البسيطة، حيث أستطيع الإستمتاع بالوقت، بإدراك الوقت، والشعور بطول اليوم بدلاً من انتهائه سريعاً دون أن أدركه، الشمس تشرق وتغرب كل يوم دون أن ألتفت لشروقها أو غروبها، الكثير من الأشياء تحدث في العالم ولا أنتبه لها لأن رأسي اعتاد في السنوات الأخيرة أن يرى الحياة من خلال الشاشه! لذا، سأتوقف عنها قليلاً وربما كثيراً

وختاماً ، اليكم هذا الحوار البسيط مع الذكاء الصناعي:

-أيت عبارة أجمل أو أفضل: التراجع نحو الأمام، أو التقدم إلى الخلف؟
– كلا العبارتين تحملان تناقضًا مثيرًا للاهتمام، لكن “التراجع نحو الأمام” قد تكون أكثر جاذبية لأنها تعبر عن فكرة التقدم بالرغم من الصعوبات أو التحديات. إنها تعطي انطباعًا بأن الشخص يتعلم من أخطائه ويستخدمها كدافع للتقدم.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *