صديقي الـ Single

أهلاً صديقي/صديقتي

وربما تكون أخي، أختي، أو أحد أبنائي مستقبلاً أو أحد المقربين مني أو عزيزاً / غريباً لم ألتقه بعد، على أي حال، أكتب هذه الرسالك، ولولدي الرازي

أهلاً بك، أحدثك بعد ثلاث سنوات من “الزواج” وعمري 34 عاماً

ودعني أحدثك قليلاً عن نفسي، وقليلاً عمّا يسمى الإرتباط، وسأكون مختصراً في مواضع وسأسهب في مواضع،

في الصورة أعلاه كنت جالساً أمام البحر، في آخر مرة كنت فيها single ولم أكن أعلم أنها ستكون آخر صورة لي كـ single ! 😂
فمنذ 2009 وحتى 2021، أي ما يقارب 12 عاماً، جربت عدة أنواع من العلاقات، وعدداً وفيراً منها، هذا الأمر قد يعد من الخصوصيات، وقد يرفض المجتمع الإعتراف به، لكنه أمر طبيعي، ومن الطبيعي أن تبدأ علاقة ولا تجدها مناسبة لك فتتركها وتبدأ أخرى، وقد تجد أن الحياة أخذتك في مسارات لم تتوقعها لتخوض تجارب لم تقم بالتخطيط لها ولم ترسمها، جزء من تجربة الحياة وكما قيل، تمرين على الرقص مع الحياة

تساعدنا العلاقات على اكتشاف ذواتنا قبل اكتشاف الآخر. مهما كنا متعمقين في ذواتنا ومتأملين فيها، هناك جزءٌ خفيٌ منا لا يظهر إلا مع الآخرين، ولن تعرف نفسك فيه الا من خلال “آخر” فالعلاقة مع الآخر ليست مجرد إشباع عاطفي أو جنسي، في مرحلة من المراحل تكون العلاقة ضرورية لتطوير معرفة الإنسان بذاته. وهذا الجزء الخفي في كثير من الأحيان، يحمل بداخله أسرارك الكامنة التي لم تنتبه لها من قبل ولا تظهر في تأملاتك!

ولا يوجد أي داعٍ للخجل من هذه العلاقة، كلنا نتاج علاقة بين رجل وأنثى. لم تكن علاقة جنسية فحسب، بل كانت -في النمط السائد- تمر بكل مستويات العلاقة المعروفة، النفسي والعاطفي والجسدي والجنسي، وفي علاقات أخرى هناك المستوى المادي/المالي

لن أحدث كثيراً عن كيف تفهم مشاعرك أولاً، وكيف تتعامل مع انجذابك للطرف الآخر أو كيف تختار الشريك أو تبدأ العلاقة، أعتقد أنك اما خبير بهذه الأمور أو يمكنك الإطلاع على العديد من المصادر بهذا الخصوص، لكن هنا سأحدثك عن أمرين محوريين:

  • الأول: الزواج مجرد ورقة
  • الثاني: إعادة التربية Reparenting

الزواج مجرد ورقة

الأساس دائماً هو العلاقة بين الطرفين، “الزواج” مجرد ورقة وشهود يقرون بهذه العلاقة، وذلك حفظاً لحقوق الزوجين “المادية” (إن وجدت) وحقوق الأبناء “الوطنية” و “المادية” إن قررتم الإنجاب. يمكنك القراءة حول تاريخ الزواج وكيف نشأت فكرة الزواج وأهميتها الإجتماعية بالنسبة للبشر، هذا لا يهم، المهم هو علاقتك مع الطرف الآخر، يمكنني أن أعتبرك متزوجاً من علاقتك الأولى، أو لا أعتبرك متزوجاً على الإطلاق. تم تحميل فكرة الزواج بأكثر مما تستحق وبأكبر من حجمها وبقدسية إلهية غريبة. المسألة كلها كيف تتفاعل مع الطرف الآخر، وكيف تتفاعلان وسط هذا المجتمع على هذا الكوكب.

البشر عندما أعطوا هذه الهالة المقدسة لفكرة الزواج، فقط قرروا أن يجعلوا الأمور أكثر تعقيداً، يمكنك التماهي مع ذلك بالقدر الذي يروق لك، ما دمت أنت وشريكك على وفاق، فالشكليات الخارجية حتماً ودائماً لا تهم

عندما تدخل في علاقة، إدخلها بكل وعيك، بكل جوارحك، ادخل بصدقك، لا تكترث لأي شيء، التجربة تجربتك، والقرار قرارك، والحياة أنت من يحياها، وأن من يقرر كيف ستكون اللحظة التالية، وأنت وحدك من يستمتع ويتحمل عواقب قراراته.

اجعل تجاربك دائماً ذات قيمة، وارتكب دائماً أخطاءً جديدة، دوّن دائماً ما يحدث لك، حلل، وطور من نفسك دائماً، كل تطوير تقوم به على المستوى الشخصي، تراه ينعكس دائماً على نوعية العلاقات التي تدخل بها. في كثير من الأحيان ستظل عالقاً مع نفس النوع من الأشخاص، ومع ذات المشاكل، حتى تتعلم الدرس وتتجاوزه، حينها فقط سيتاح لك أن تختبر تجارب وأخطاءً جديدة، وأقول تجارب وأخطاء لأنها في الغالب الطريقة التي نتعلم بها، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الطرف الآخر في العلاقة الحميمية.

ونصيحتي لك، لا تبحث عن سمات معينة في شريكك، على الأرض أكثر من 8 مليار انسان، لن تجد الإنسان المفصل حسب طلبك غداً. ستكتشف مع الوقت أن الحياة لعبة مشاعر، وأننا نبحث دوماً عن شعور، لذا يمكنك أن تحدد بالأساس مشاعر معينة يهمك أن تشعر بها في العلاقة. والسمات الشخصية يمكن أن تكون ثانياً. وصدقني، الجمال ليس معياراً على الإطلاق!

عني شخصياً، لم أكن أهتم بمن يبالغ في الإهتمام بمظهره على حساب داخله. الإنسان المطمئن داخلياً سيهتم بمظهره دون أن يبدو كطاؤوس. الإهتمام المفرط بالمظاهر يشير إلى مشكلة نفسية داخلية، يمكنني أن أحدثك لاحقاً عن الأعلام الحمر Red Flags. كما أن فراشات البطن ودقات القلب السريعة والتي عادةً ما يتم ربطها بمشاعر الحب والغرام والوله، هي أيضاً إشارة خطر عليك أن تنتبه منها، لا تندفع في أي علاقة فقط لوجود مؤشرات حب وإعجاب ، أتعلم، من الجيد أن تجرب ، ربما أكون مخطئاً، وربما نتفق معاً على شيء 👍😁 من المهم أن يكون لك بعد عدة تجارب خبرة في التعامل مع الجنس الآخر، وتكون قادراً على التقييم وكشف اشارات الخطر الظاهرة والمخفية وتكون قادراً على قراءة تلك الإشارات بوضوح، ذلك أهم من المال والجمال ( إن كنت تريد علاقة تتطور معها ومن خلالها ) وإن وجدت تلك الإشارات، فمن الأفضل لك أن تنشغل بنفسك على أن تنشغل بتكرار أخطاء الماضي التي تعلمتها مسبقاً. كن مع نفسك، طور نفسك في مختلف جوانب حياتك المهمة لك، حتى تجد ما هو مناسب لك

إعادة التربية Reparenting

في فترة بقائك كـ سنجل، أو حتى أثناء وجودك في علاقة، من الجيد أن تتعرف على مفهوم إعادة التربية Reparenting. والذي يعني ببساطة؛ أننا لم نقم أساساً بتربية أنفسنا، بل تم ذلك بواسطة أهالينا بناءً على ما ظنو أنه جيدٌ لنا. وقد بذلوا ما بوسعهم لتهيئتنا بشكل جيد للتعامل مع ذواتنا والعالم من حولنا. لكن الآن نستطيع أن نعيد تربية أنفسنا بما يتلائم مع قيمنا ومبادئنا ومعتقدااتنا ورؤيتنا للحياة وأهدافنا الشخصية.

إعادة التربية تتطلب جهداً ذهنيا وإدراكياً عالياً. تقوم الفكرة على أساس أن تنظر إلى نفسك كما لو كنت إبنك، وتكون واعياً بسلوكك اللاإرادي (بما في ذلك الحيرة في المواقف الصعبة) وثم أن تختار توجيه نفسك من وجهة نظر أكثر نضج وشمولية، وتنصح ابنك (نفسك) بما تراه جيداً له. وتتخذ دائماً دور الموجه والناصح والأب / الأم الذي تراه مناسباً.

التربية ليست بالأمر السهل، وإعادة التربية أصعب من ذلك. أن تقوم بتوجيه الآخرين لا يشبه أن تعيد برمجة نفسك لتوجه نفسك! أنت من سيكتب سطر الأوامر هذه المرة، أنت من سيحدد الإعدادات. وهنا ربما يتوجب عليك أن تتعلم البرمجة أولاً وتفهم مشاكلك الخاصة قبل أن تقوم بحلها واستبدال البرمجيات القديمة بالجديدة!

مفهوم إعادة التربية Reparenting من أكثر المفاهيم التي ساعدتني في فترة عدم ارتباطي وعدم دخولي في أي علاقة، أعدت فيها بناء العلاقة مع نفسي لأكون شخصاً آخر. ولكن هناك ثغرة صغيرة: من الممكن أن تقابل شريكا يدمر -عن غير قصد- كل ما قمت ببناءه. قد لا يعرف المجهود الذي بذلته لتحسين حياتك الداخلية، ويعيدك الى وضع ضبط المصنع الذي خرجت به من بيت والديك! من المهم ان تدرك أن العلاقة والشريك والإرتباط ليسوا جائزة وليسوا المرحلة الأخيرة. بل هي بداية تحديات جديدة. والتحدي الأقوى هذه المرة، هو الحفاظ على ما قمت بتغييره، واكمال عملية التطوير دون توقف.

الوقت الذي كنت تحظى به لنفسك، الآن بات لديك من يشاطرك الوقت، وقتك الخاص لك، أصبح أقل قليلاً ، من الجيد أن تتعلم كيف تتناغم ومع هذه المتغيرات.

المرحلة الأصعب، عندما يحتاج شريكك إلى المساعدة بشكل غير واعي، وتجد أن إعادة التربية Reparenting قد أكسبتك عدة مهارات تستطيع أن تقدمها لشريكك كحلول. ستقول لن أحاول تغيير شريكي فهذه فكرة لا تصلح. أتفق معك لكن إعادة التربية مهارة وقوة ناعمه ستمكنك من تقديم المساعدة وإدارة حياتكم المشتركة في حدود معقولة. أنت لست طبيباً نفسياً أو خبيراً اجتماعياً ولست مؤهلاً لحل مشاكل شريكك النفسية. عليه أن يراجع مختصاُ، ما قصدته بالمساعدة هو تقديمها في حدود المشاكل اليومية الاعتيادية، في الغالب سيتوجب عليك التعامل معها!

وتذكر، الشخص الذي تقرر أن تعيش معه وتتكشف له نفسياً وعاطفياً وجسدياً، هو أكثر شخص يمكنه أن يشير إلى أماكن ضعفك لتعمل على تحسينها. عادةً ما يتم الإنزعاج من هذا الأمر ويصل حد الإنفصل اذا لم يتمكن الطرفان من إعادة التربية. اذا نظر الطرفان الى تلك النقاط والتحديات على أنها مواضيع تحتاج الى التحسين والتطوير، سيتمكنان من إعادة برمجة تلك التحديات وإعادة التربية وتحسين جودة حياتهما

أدعوك أن تقرأ أكثر عن إعادة التربية Reparenting وتطبقها في حياتك.

جمال العلاقات هو فيما ينتج عنها، وليس في مدتها أو كثافتها، فاهتم أن تختار العلاقات التي تنمو وتتطور معها، وتزهرا كليكما. وإن كانت بداية الحكمة كما قال سقراط “أن تعرف نفسك” ، فالإزدهار يبدأ حينما تعرف طريقك

وشكراً لقرائتك

10 Tips for How to Reparent Yourself (choosingtherapy.com)

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *